الخميس، 28 أكتوبر 2010

الإشاعات..نحتاج صعقة كهرباء

إذا اردت ان تتعرف علي تماسك مجتمع - أو إختلاله - في أفكاره: فما عليك سوي أن تطلق إشاعة من النوع (الغريب ), ثم انظر ردة فعل هذا المجتمع. فإن صدقها وزاد عليها أرطالاً من الأساطير فاعلم انه مجتمع يعاني من مرض الهشاشة, وإن رفضها دونما أي تفحص ونقاش فاعلم انه مجتمع متكبر متغطرس , وإن اخضعها لعقيدته ولمعايير زمانه وعقله ثم حكم عليها فاعلم انه مجتمع متوازن صلب البناء لا تشغل نظره ذبابة طائرة

وهاهي الظواهر التي تمر بالمجتمع المسلم الآن وكيفية تعامله معها تظهر مدي الهشاشة التي أصابت عظام افكاره
فمرة يشاع أن أحدهم يفقدك عضواً أصيلاً من جسدك إن صافحته..ويصدق الناس
ومرة يشاع أن ساحراً يسرق نقودك وأنت تنظر إليه,بل تعطيه إياها بيديك..ويصدق الناس
ومرة يشاع أن إنساناً مسخ إلي حيوان يحوم بين الناس...ويصدق الناس
ومرة ورقة منسوخة إذا لم توزعها علي(10) اشخاص تصيبك لعنة..ويصدق الناس
وكثير
وكثير
وأخيراً اليوم..رقم يتصل علي جوالك, فإن رددت عليه صعقك بالكهرباء وقضي عليك !؟

عجيب أمرنا-إن لم نفهم أننا مصابون بمرض الهشاشة- بل فقدان الذاكرة أيضاً , فجميع الإشاعات أعلاه ثبت بعد زمان قليل بطلانها وهزليتها وتناساها الناس , وبدلاً من حفظ الدرس وتناول المضادات الفكريه..نقع مجدداً في احضان إشاعة أخري.وقد ذكرني هذا التهافت والإضطراب في عقلانيتنا عصر الإنفتاح الإسلامي علي علوم الإغريق , فأخذ علماؤنا حينها في ترجمة اساطير اليونان وخرافات دياناتهم التي ملأت الإغريق أنفسهم بالحيرة من كثرة تقلباتها ولا عقلانيتها ..في الوقت الذي شاعت فيه رسالة الإسلام المتوازنة التي أخرجت صورة الإله من التجسيد ,وقللت من قداسة البشر وإمكانياتهم ,وكلفت معتنقيها بما يطيقون ويستمتعون...في هذا الوقت بدأ الجهال من علمائنا في ترجمة تخاريف المعرفة اليونانية إلينا من غير تنقيح أو حذف أو رفض أو توضيح..وبدأت الخرافة تعود من جديد إلي عقل العربي المسلم(صاحب الديانة التي لا تؤمن بالخرافة) وبدأت صورة الإله تهتز , وأسطورة الإنسان والحيوان تعلو!!؟.

ولكن كيف يتعامل المجتمع المتماسك مع مثل هذه الخرافات والتقليعات؟ ..حسناً سأعطيك مثالاً واقعياً لهذا السؤال..فلعلكم سمعتم بما يسمي"لعنة الفراعنة" وهي قصة تقول أن من يدخل قبور الفراعنة المدفونين في أسفل الاهرام يصاب بلعنة تدافع عنهم وتصيبه بالمرض. ومع ان فكرة قدرات خارقة للإنسان في حياته او بعد مماته قد أبطلها الإسلام , إلا ان كثيرين صدقوا هذه الخرافة,فبدلاً من التساؤل: ماسبب الشعور بالإعياء الذي يصيب احدهم عند فتح ودخول هذه القبور؟ طارت العقول مباشرة إلي فكرة اللعنة المزعومة..وكان الاولي به البحث عن تفسير للظاهرة ووضعها في سياقها الطبيعي  وهي أن هذه القبور تكون مغلقة لمدة طويلة , وأسفل الهرم , وفي جوٍ حار قاتم,ومع جثث محنطة تكاد تكون كالجلد وتخرج منها رائحة. كل هذا يولد جواً مليئاً بالجراثيم ونثرات الهواء الملوثه , والتي ما إن فتحت هوة القبر واستنشقتها إلا وسببت لك زكاماً او حمي أو ماتسببه.

إذا فالفكرة بسيطة , لكن عقولنا الهشة التي لاتستند إلي عقيدة وأفكار صلبة هي من تسارع في التصديق , أو التهويل , أو صنع الخرافة نفسها..وهذا النوع من أفراد المجتمع - أو المجتمع -عدوي فاسدة ينبغي تطهيرها بافكار صالحة..ولعلك قد سمعت حديث النبي(ص): (كفي بالمرء كذباً أن يحدث بكل ماسمع).فهلا تعقل قليلاً.وإلا صعقته بالكهرباء ليفوق.
زرياب العقلي
15 سبتمبر2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق