الخميس، 28 أكتوبر 2010

إصنع علامتك


في إحدي المزادات الكبيرة كانت هناك ثمة معروضات أقحمت مجازفة ولم يتوقع لها المنظمون أن تدر عليهم ربحاً , فسماعة الدكتور (ماهر) الطبية المصنوعة محلياً والقديمة, وفرشاة الفنانة (رشا) البالية, وفانلة اللاعب (زكي) التي تحمل الرقم (2) أرخص وأقل قيمة من أن تجلب مالاً.
وبعد نهاية المزاد كانت النتيجة مفاجأة حتي لمنظمي المزاد أنفسهم , فقد بيعت متعلقات (علي و غالية وزكي) غير المربحة – في ظنهم -  بأغلي من بقية المعروضات المميزة والتي دفعت فيها مبالغ ضخمة لجلبها للمزاد , مما جعل سؤالاً كبيراً يتنطع ويحلق فوق رؤوس الجميع ...لماااااااااااااااااااااااااااااااااذا؟؟؟؟؟؟؟؟
لكن الحقيقة الغائبة كانت أن هذه الأرقام إكتسبت تميزها وثمنها من أصحابها وليس من نفسها , فعلي وغالية وزكي كانوا يحملون صفاتاً مميزة غطت علي عيوب متعلقاتهم , بل جعلتها علامة مميزة جديدة مسجلة بإسمهم..فماهر كان طبيباً ماهراً يتلقي عشرات الإتصالات يومياً لدعوته للتحدث في ندوات عن إكتشافه الخطير لعلاج إحدي أمراض السرطان ..إضافة إلي جماهيريته الواسعة عند أهل بلده الذين كانوا يقصدونه من أماكن بعيدة لطلب العلاج عنده , وفي الحقيقة فقد كان هو شخصياً بتواضعه مع مرضاه وإنسانيته مع المحتاجين ودمه الخفيف الجزء الاكبر من العلاج , فتعلق الناس بمابقي من متعلقاته كذكري باقية منه تطمع نفس في إمتلاكها.
و(عالية) رسامة أمضت عمرها في الرسم , فعالجت بأناملها وفرشاتها آلام الكثيرين , وأنعشت ذاكرة الجمال عند كثيرين , ولونت وجوه الكثيرين بالفرحة , كانت تحب الناس ويحبونها , تقف بألوانها ضد ظلمهم , تشجع المواهب الكامنة فيهم , تقوي فيهم الإيمان والصمود , فكانت فنانة وإنسانة تعلقت قلوبهم بها , وطمع كل واحد في إقتناء ريشتها التي عالجت همومهم ورسمت إبتساماتهم , وزكت أنفسهم.
و (زكي) كان ومازال لاعباً محفوراً في ذاكرة كرة القدم في بلاده , عندما بدأ اللعب كان يطمع في إرتداء الرقم (10) ولما طال انتظاره قرر أن يصنع من رقمه (2) علامة مميزة تتفوق علي الأرقام الأرخري , ومن قال إن العشرة أفضل من الإثنين ,وهل العبرة بالرقم أمن يرتديه ؟ هكذا بدأ يفكر زكي...وبعد سنوات ذاع صيته , بل دخل ذاكرة التأريخ بعدة بطولات , ورفع من أسهم الرقم (2) وأخرجه من مقبرة التأريخ , فصار علي ظهور كثير من المشجعين واللاعبين تيمناً به وبأخلاقه و أعماله الإنسانية والخيرية , فقد أنشأ منظمة لدعم التعليم في بلاده , وضرب مثلاً للأخلاقيات في لعبة الكرة , وتفاعل جدياً مع قضايا بلده , وكثير وكثير.
ولكن يأتي سؤال؟ كم تساوي السماعة الطبية من غير أن يستخدمها شخص كالطبيب ماهر ؟ وكم تساوي فرشاة الرسم إن لم تمسكها انامل كأنامل (رشا) ؟ وكم يساوي الرقم (2) إن لم يرتديه لاعب مثل (زكي) ؟ لا شيئ ..لاشيئ .. لاشيئ
أبدع فيما أقامك الله فيه , ولا تجعله ينسيك انك منتمياً لبلد ما وثقافة ما , وأفض من عوائد موهبتك علي الناس .. وحينها فقط تكون قد حجزت مكانة لنفسك , وصنعت رقماً مميزاً لنفسك , وأضفت قيمة لأدواتك..وحينها ستدخل قلوب الناس , والتي بدورها ستدخلك سجل التأريخ كعلامة مميزة.
أضف جديداً في مهنتك
إزرع املاً فيمن حولك
أشعر بآلام بني جلدتك
إصنع علامة مميزة لنفسك
زرياب العقلي
18 رمضان 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق