الخميس، 28 أكتوبر 2010

عفواً..تم إغلاق المزاد

ذهبت أم زيد ومعها صغيرها في زيارة لقبيلة مجاوره .. لكن غارة من قبيلة معادية أخذتهما سبياً وقطعت وأفسدت زيارتهما , فصارا عبدين في لحظات ورحل الصغير وبيع في مكه .. في بداية لأاجمل سيناريو سيحدث في حياته , فاشترته إمرأةٌ كريمة غنيةً في قومها , وأهدته لزوجها الذي تحبته حباً شديداً , لعله يخفف من أعباءه ويخدمه ويعينه علي تلك المهمة التي هو مقبلٌ عليها (...)
وهكذا بدأ الصغير مهمته .. فتعلق بسيده تعلقاً شديداً (...) ورأي منه مالم يري في البشر من صفات وخصال , بل إنه أصبح من رعايا سيده بدل أن يكون من خدامه .. لكن فرحته بهذا المقام كادت أن تنتهي بعد سنوات قليله , فقد جاء والد الصغير طالباً ولده الي ظن أنه سيكون في شوق للرجوع معه حال ما يراه , لكن الصغير الذي بدأ يكبر(زيد) أبي وفضل البقاء مع سيده عن الرجوع مع والده , وكيف لا وقد أحس زيد أن هذه الرفقه حبلي بشيئ ما ؟ وعليه الإنتظار حتي يري ويعرف كنه هذا الحدث المرتقب ,فعلم الأب أن ولده تلعق بها الرجل تعلقاً شدييداً فخلاه وما يريد , فحصل زيد علي مكافأة من سيده في الحال وأعلن في قومه أن زيداً إبنه بالتبني يرثه ويرث منه , في أروع مشهد للتضحية والوفاء !!
وبين ليلة وضحاها أصبح زيد (بن حارثه) رفيقاً لنبي , نعم فسيده محمد (صلي الله عليه وسلم) بعثه الله نبياً هادياً للبشريه .. لكن المهمة كانت صعبة ثقيلة من بداياتها , وبدأ زيد (رضي الله عنه) رحلة الدعم للنبي (صلي الله عليه وسلم) وزوجه خديجه (رضي الله عنها)زيد يحس ويزوق أحلي عزاب وتعب ونصب في حياته .. هنا في مكة حيث تلقي مع النبي (صلي الله عليه وسلم) مكاييل من العداء والظلم , وهنا في الطائف حيث تصدي لرشقات الجارة التي كانت توجه صوب النبي(صلي الله عليه وسلم) عندما رفض أهلها الإسلام , إضافة لصعوبة وطول الطريق التي سلكاها من مكة إلي الطائف زهاباً ورجوعاً مشياً بالأقدام , والكثير من التعب والنصب (الحلو اللذيذ) .. إلي أن ختم الله رفقة زيد وتوجها بشهادته هناك في مؤته.
فكما خرج من ديار والديه ولم يعد لها أبداً , خرج من عند النبي (صلي الله عليه وسلم) ولم يعد أبداً, وكأنما كتب له أن يخرج عمن يحب فلايعود إليهم , لكن حتماً هذه المرة سيكون هناك لقاء , فالرفقة ستدوم حتي هناك في الآخرة إنشاء الله.


وكما وجد زيد رضي الله عنه ضالته في النبي (ص) – مع علمكم بالفارق الكبير - فإني - إن لم أكن كازباً - قد وجدت ضالتي هنا أيضاً , وإني لأعلن لكل من يحاول إحتلال قلبي , ومن يتفنن في محاولة إغرائي لتكون إصداراته الأكثر قراءة عندي( كقارئ) , وللإعلام الذي ينفق المليارات من أجل إجعلي أتسمر أمام التلفاز لمتابعة برامجه , ومن ينتج الآلاف من الإختراعات لأجل ضماني كمستهلك رئيسي , ولكل من تسول نفسه بمحاولة إمتلاكي .. أقول لهم جميعاً عفواً فقد أغلقت مزاد بيع نفسي واخترت – كما اختار زيد رضي الله عنه – أن أكون تابعاً لسيدي محمد (صلي الله عليه وسلم) أسير بنهجه وأقتدي بأمره وأتحمل القليل من النصب لأجله وسيرته أفضل الكتب عندي , ومشاهد عظمته أفضل اللقطات التي شاهدتها في حياتي , وسنته أفضل وسيلة رفاهِ مستهلكةٌ عندي , وقلبي مغلقٌ عليه ومختوم بحبه (صلي الله عليه وسلم).
زرياب العقلي
16/ أبريل / 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق