الثلاثاء، 20 يوليو 2010

الكتابة .. داااء ودواء

لست أعلم بالتحديد متي أصابني هذا الداء (الحُلوُ المُر) ؟, وأين عثر علي ؟ وفي أي عمر ظهر علي ؟ وهل هو مخبوء في جيناتي منذ الأزل ؟ أم أنني قد ورثته ؟ أم أنها موهبة من الله لحكمة يعلمها ؟ فرغم محاولات مقاومتي له (وتجاهله وهجرانه) منذ بواكير الصبا .. إلا أنني لم أتوقف عن التعاطي معه أبداً.

ففي ذاكرتي – عندما أتوقف عن الكتابه - أكتب عشرات الأحاديث والرسائل والمقالات والروايات وأحكمها وأراجعها فتصبح معدة لتري النور. إنها رغبة شديده تداهمني في الكثير من الأماكن والأزمان والمواقف بلا إذن أو طقطقه ؟ فتوقظني وتسهرني ليالٍ كثيرة , وتفوت علي محطة منزلنا كثيراً (عندما تداهمني في الطريق إليه ) , وتصق بي تهمة السرَحَان دوماً – فأنا كثير الإنشغال بها – وتفرض علي مرافقين دائمين ( الورق والأقلام وأحياناً الكمبيوتر) يراقبونني فيسجلون الكثير من حركاتي وسكناتي .. والكثير من المتاعب والمواقف الأخري.

لكنه داء حميد – إذا آتاك الله معه هداية وتوفيقاً – تضع به يدك علي حاجات الناس فتحاول تلبيتها , وعلي عيوبهم وثغراتهم فتحاول تنبيههم لتجاوزها وسدها , وتكون متحدثاً بإسمهم إلي من لا يستطيعون التحدث والوصول إليه , وتحمل به قضاياهم(وقضاياك) إلي أماكن وبلدان لم تكن لتبلغها إلا بشق الأنفس , وتدخل به نفوس الناس وقلوبها فتغرس فيهم الأمل وتحثهم علي العمل ..

إنه داء يصنع من ذاته علاجاً لصاحبه , فيعالج النفس وينبهها ويفضفض عنها حين تمتلئ غيظاً وحين تسكرها الفرحه وحين تكون هائمة بين الحالتين , ويعبر عن قضاياها , ويبلغ رسائلها إلي الناس ..إنه داء يحول الدم إلي حبر فيغذي القلم , فينطق المكتوب بمثلما كان يجري في الدم ويبلغ عنه خيرما تبليغ.
إنه داء يوجب حمد الله والثناء عليه , ويوجب الإلتزام بقضايا الناس وبني الجلدة , ويوجب تحري الحق وإلتزامه وإن كانت مرارته لازعة , ويفرض علي صاحبه أثماناً صعبة إن لم يدفعها فقد كفر النعمة وخفر الموهبه.

إنني أسأل الله واهبي هذه النعمه ألا أنفقها إلا فيما يرضيه , ولا أحابي بها أحداً , وأن يلزمني الحق فيها مادمت , وأن يجعلها عملاً صالحاً ممتداً , وأن يجعل أثرها أكبر من جهودنا القليله وأطول من أعمارنا القصيره.
زرياب العقلي
9 / أبريل / 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق