الثلاثاء، 20 يوليو 2010

كنوزٌ بالداخل .. تنقيب في الخارج

منذ نشأتها لم تكن صاحبتنا كغيرها من الأطفال , فهي تكتب نثراً وشعراً وتقرأ كتباً أكبر من عمرها وجسدها النحيل , فقد كانت تحلم بالبطولة في عالم الغد , حتي أنها تقتطع من يومها لحظات لتفكر في ذلك العالم , ولترسم وتبني فصول حلمها القادم , فيوما تزيده ويماً تنقصه , ويوماً تنفخه .. فاستمر الحال هكذا لسنوات.

ولما كبرت وشبت عن الطوق .. رأت مباهج العالم وزيينته , خصوصا تلك التي عند قرناءها , فقررت أن تعيش مثلهم وتجاريهم لتحصل علي تلك السعاده التي تراها علي وجوههم .. لكن مرت سنوات دون أن تجد شيئاً , وجدت عبوساً مدسوساً وراء الوجوه , وغدراً مبطناً , ومباهج كثيره تجلب تعاسة أكبر .. فقررت الخروج من هذا العالم الي تركت له أحلامها , وأفقدها الكثير من , وهدم كثيراً مما بنت لنفسه في عالم الطفوله , فلا هي سعدت بأخ ذاك , ولا بترك هذا.

ففي بدايات القرن الماضي شاع في الناس وازدهرت تجارة الماس , وصار الطريق السريع للغني لمن يأتي بالقليل منه , وكان من بين من يحلمون بهذا الثراء شاب في العشرينيات من عمره .. فقرر البحث عن الماس عله يصيب مايريد .. لكن ليس له مال ينفق به علي نفسه ويشتري به أجهزة البحث , اللهم إلا تلك المزرعة التي يملكها والتي يحبها كثيراً .. لكن حب الماس غلب حب المزرعه , فباعها وأخذ ثمنها وخرج باحثاً عن الماس.

وبعد سنوات من البحث لم يفلح الشاب , ولم يجد إلا القليل من الماس كان يبيعه ليسد نفقات حياته .. فخسر حلمه الأكبر(الثراء) وانهار وقرر الإنتحار غرقاً .. وبعد انتحاره بلحظات أعلنت وكالات الأنباء أن أكبر قطعة ماس في العالم وجدت الليله , في أرض مزرعة بضواحي المدينه ! وأنها كانت لشاب قد باعها لرجل عجوز وذهب باحثاً عن الماس.

هكذا لو تعلم صاحبتنا – ونعلم نحن جميعاً – أن الكنوز التي بداخلنا , والقدرات والإمكانات كبيرة جداً , فقط علينا إخراجها وعدم التنقيب خارجاً , لنصنع سعادتنا بالكنوز التي وهبت لنا , حتي ولو كلفنا ذلك إنتظاراً طويلاً.
زرياب العقلي – 8 / مارس 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق