الثلاثاء، 20 يوليو 2010

الصلاة .. قصة حب

(جعلت قرة عيني في الصلاة) هكذا وصف الحبيب (صلي الله عليه وسلم) درجة حبه للصلاة , ومدي تعلقه بها.. ولكن ماسر هذا التعلق والحب الشديدين عند النبي ؟ فلنستعرض معاً بعض المشاهد تفسر لنا هذا الحب.

النبي (صلي الله عليه وسلم) محزون الآن ,و عائد من رحلة شاقه إلي الطائف , حيث رمي بالحجارة , ودميت قدماه , ولم تنجح أمنيته وخطته في أن تكون الطائف مقراً لدولته القادمه , بل مما زاد هذا الحزن فقده لزوجه (خديجه) سنده ومخزن سره , وعمه( ابوطالب) الذي كان يخفف عنه .. فالمنظر الآن محزن مملوء بالهم , ولا بد من دواء سريع يستأنس به النبي – بل يورثه لأمته – فما عساه يكون؟؟

إنها الصلاة ! فعن قريب ستصبح فريضة علي كل المسلمين , حتي تكون جلاء لهمومهم , وهوناً لهم علي نكدات الدنيا , وأعباء الرساله , ولقاء مع الله يشكون فيه إلي ربهم ويطلبون منه حاجاتهم .. ولذلك ستفرض هناك  في رحلة المعراج , فأقرب طريق إلي الله , سيفرض قريب من الله (في السماوات العلي) إيحاء بقرب من سيصلي وإن كان في أدني الأرض .. ولعلك تحس فرحة النبي بالصلاة وهو نازل بها من هناك .. فقد إنكشف الهم , وزالت الغمة عن النبي , بل عن أمته جميعاً.

هكذا هي قصة رسول الله مع الصلاة : لقاء مضروب لكشف الكروب .. ولعلك تسمعه الآن وهو يقول لبلال (رضي الله عنه) :(أرحنا بها يابلال) .. فهو حريص عليها وحريص علي أن يتركها خالدة مخلدة عند أمته حتي قبل دقائق من موته.. وسأتركك مع بعض ما سطره (البوطي) في سيرته عن حرصه (صلي الله عليه وسلم) وهو في آخر لحظات عمره علي أن يطمئن علينا ونحن نصلي.

بينما كان الناس مصطفين لصلاة الفجر يوم الإثنين إذا بالستر(ستاره) المضروب علي حجرة عائشة رضي الله عنها قد كشف , وبرز رسول الله من وراءه , فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة , ثم تبسم يضحك..ثم دخل الحجرة وأرخي الستر. لقد كان تفكيره إذن منصرفاً تلك الساعة إلي أمته , وإلي ماسيكون عليه حالهم من بعده , لقد أراد (بأبي هو وأمي) وهو يمر بآخر دقائق عمره أن يتزود من أصحابه بآخر نظرة , فأراه الله منهم ما طابت به نفسه وقرت له عينه , حتي غلب ذلك المشهد آلام الموت السارية في جسده فغلبها .. ولكنهم ما عرفوا إلا أخيراً أنه إنما وقف ينظر إليهم تلك النظرة لينقلب بها إلي سكرة الموت , وهي آخر لوحة تسجل في ذهنه لمشهد أصحابه , بل وأمته كلها , كي تكون هي العهد الباقي بينهم وبين الله عز وجل , ولتكون الهمزة الواصلة بين لحظة الوداع لأمته في الدنيا ولحظة الإستقبال لها في الآخرة علي الحوض الموعود , فيا أخي المسلم : العهد العهد الذي فارقت عليه رسول الله وهو راضٍ يتبسم.
زرياب العقلي
10 مايو 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق