الثلاثاء، 20 يوليو 2010

ولدي محمد الأول

م أتزوج بعد حتي أنجب محمد , ولم أتبني طفلا كذلك , ولكن هاكم قصته:
ذات يوم – ربما قبل أربع سنوات – دخلت في سرحة (قطعة من خيال) مع نفسي ومخيلتي , فاشتقت أن يكون لي ولد , وفي الحال أنجبت مخيلتي لي ولدا ,فأسميته محمد – هكذا من غير تفكير أو بحث - .
فرحت به فرحة شديده , أخذت أداعبه وأشتمه وأتعرك بجسده الطري , كان يرفسني برجليه كلما اقتربت منه (ربما كان يخبرني أنه سيجيد لعبة كرة القدم في المستقبل مثلما أفعل) , وكان يتفحصني بعينيه مليا ومرتابا , وكأنه يشك في أبويتي له وفي حقيقة وجوده (ربما شخص آخر أنجب محمد قبلي في سرحة مماثله) , وفي تلك الحال كان آخر عهدي بمحمد.

بعد أربع سنوات

والآن وبعد أربع سنوات تقريبا , حضرتني تلك السرحة مجددا , فإذا بمحمد قد كبر وصار يمشي ويجري ويلعب , ويتحدث بطلاقه .. محمد كان بارًا بي طوال تلك السنوات من عمره , وكان خفيف الظل علي , ولم يكلفني قرشا في مصروف أو غذاء أو شراب أو كساء , ولم يشقيني بتعب أو نصب أو سهر عليه أيام المرض , مما يشجعني أن أنجب له اختا في سرحة قادمه .

لعبت معه الكرة قليلا كي أختبر صحة تأويلي لتلك الرفسات فإذا هو لايفقهها ولاتفقههه , بل تهرب من معاملته القاسية لها , فخاب ظني وفشل تأويلي !!!.
وبعد أن انهينا التمرين , جلست مع محمد في ظل أوصيه وأبدأ مشوار تربيته – فقد كنت غائبا طوال أربع سنوات – فقلت: (يابني لا تفجر بوطنك يوما وإن تجني عليك , يابني لا تنأي عن ربك يوما وإن غالبتك الظروف وإغراءات الحياة , يابني ...) فتبسم محمد مقاطعاً وكأنه قبل وأمسك وصيتي , وحينما هممت بأن أكمل .. إختفي محمد.نعم إختفي , فقد فقت من سرحتي ورجعت قافلا إلي عزوبيتي.

سرحه قادمه

ولكن ربما تحضرني تلك السرحة مرة ثالثه فأجد محمداً وقد بلغ مبلغ الشباب , وقد استوعب وصيتي , جالسا في ظلمة الليل يناجي ربه ويقول: (اللهم ارضي عن أبي واجعلني ذرية صلاح له .. يارب) فأردد أنا : أأأأأأأأأأمين.
فق (إصحي) أيها القارئ ,يبدو أنك سرحت معي.
أمدرمان
20/يناير/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق